المؤتمر القادم
لم أكن أعلم ما سر نوبات الوجع التى تجتاح جسدى الضئيل من حين لآخر
وأحيانا كنت أعشق تلك النوبات التى تأخذنى من حياتى وتفكيرى إلى مدن أخرى لا مجال فيها للتعقل .. كنت أرى أن الوجع وحده دليلى للإحساس أمام الآخرين ...
واليوم أنا أقطن تلك الغرفة .. والتى تشبه احدى أوراقى البيضاء .. معنونة بــ " النهاية "
وروحى معلقة بالحياة كتعلق تلك الأنابيب بجسدى .. بعض القطرات تمر إلى دمى حاملة معها أملا جديدا أن تستمر حياتى لما بعد الفجر ..
انه - المرض - الذى استوطن جسدى واحتل معظم الخلايا بداخلى ...
قاومت ..
وقاومت ..
ومازلت أقاوم ..
ولكن يبدو أن أجسادنا نحن العرب تشبه حالنا .. جدا ....
بكل سهولة نستغنى عن الجزء الموبوء بداخلنا .. ربما مثَّلنا دور الدفاع .. ربما عقدنا مؤتمرات مع ذواتنا المشتتة .. ولكننا فى النهاية على يقين أن الموت آت لا محالة .
أرى نظرات الشفقة فى عيون كل زائر لحجرتى ،، لعله أتى حتى لا يشعر بعذاب الضمير بعد " موتى " ؟!!
أرى خضوعهم لحالة التعازى التى يؤدونها مع كل حرف ينطقونه ..
هناك على تلك الأريكة الزرقاء ،،،
يجلس أصدقائى .. وورائهم " الموت ".. أستمع بكل تجرد الى أحاديثهم المرسومة ،،
بينما ينظر إلىّ " هو " فرحا بتلك اللعبة .. يخرج لى لسانه ويخرس ضحكاتى الهاربة ..
مللت الشفقة .. تمنيت لو عاقبنى أبى يوما .. او تكاسلت أمى عن عمل إحدى أطباقى المفضلة .. تمنيت لو رفضت أختى اخبارى بكلمة سر لبريدها الخاص ... تمنيتهم كما كانوا ..
الجميع يتعاملون معى بمبدأ الوداع .. وواجب تقديم حق الضيافة قبل الرحيل
ما عادت تمل أمى من قص حكاياتى التافهة وما عاد يغضب أبى حديثى فى الهاتف لما بعد منتصف الليل
وكمية الرسائل التى اتلقاها من أصدقائى .. ترحما على ما تبقى من حياتى.
عندما يرحل الجميع وتنطفىء الأنوار أغلق هاتفى الذى تعلم الرياء والشفقة منذ مرضى .. اكرهه واكره صوته الذى يئن مع كل اتصال يأتينى ..
لأستقبل زائر الحقيقة .. الموت .. متشحا بالسواد ماسكا فى يديه تلك الساعة التى تحسب ما تبقى .. وتبدأ فى العدّ التنازلى .. ينظر لى بفرح وكأننى فريسته القادمة ..
لعله يقدم ساعته .. ويحصل على فريسته أسرع .. لأول مرة اتمنى شيئا على يقين من تحقيقه ... سئمت الإنتظار .. وكذلك الحياة ..
أتى الفجر يجرجر معه يوما مكفنا ليرقد فى القبر مع من قبله
لتقتلنى الأيام حتى تحافظ على ما تبقى لديها .. لتستريح هى الأخرى ..
قررت التأقلم ومصاحبة المرض وكأنه صديقا اتوقع غدره فى أى لحظة .. ويكفينى التنفس بلا تفكير .. لما تبقى من عمرى .. يكفينى النظر فى عيون أهلى بوضوح أكبر .. وتوديعهم على طريقتى ولكن ليعاملوننى .. كما مضى .
ربما لو بنيت سورا حول ذاتى وقررت الإستقلال ومواجهة العدو بما لدى من موارد
لكان راحة لى .. ربما لو وضعت أحلامى فى سيارة مفخخة .. وأوفقتها فى احدى ميادين المرض بداخلى .. لتخلصت من بعضه ...
ربما ...
وربما ...
ولكن من المؤكد ...
انه آت لا محالة ...
وأصبح العزاء ... هو المؤتمر القادم ...
*****************
لحن اشتياق
لم أكن أعلم ما سر نوبات الوجع التى تجتاح جسدى الضئيل من حين لآخر
وأحيانا كنت أعشق تلك النوبات التى تأخذنى من حياتى وتفكيرى إلى مدن أخرى لا مجال فيها للتعقل .. كنت أرى أن الوجع وحده دليلى للإحساس أمام الآخرين ...
واليوم أنا أقطن تلك الغرفة .. والتى تشبه احدى أوراقى البيضاء .. معنونة بــ " النهاية "
وروحى معلقة بالحياة كتعلق تلك الأنابيب بجسدى .. بعض القطرات تمر إلى دمى حاملة معها أملا جديدا أن تستمر حياتى لما بعد الفجر ..
انه - المرض - الذى استوطن جسدى واحتل معظم الخلايا بداخلى ...
قاومت ..
وقاومت ..
ومازلت أقاوم ..
ولكن يبدو أن أجسادنا نحن العرب تشبه حالنا .. جدا ....
بكل سهولة نستغنى عن الجزء الموبوء بداخلنا .. ربما مثَّلنا دور الدفاع .. ربما عقدنا مؤتمرات مع ذواتنا المشتتة .. ولكننا فى النهاية على يقين أن الموت آت لا محالة .
أرى نظرات الشفقة فى عيون كل زائر لحجرتى ،، لعله أتى حتى لا يشعر بعذاب الضمير بعد " موتى " ؟!!
أرى خضوعهم لحالة التعازى التى يؤدونها مع كل حرف ينطقونه ..
هناك على تلك الأريكة الزرقاء ،،،
يجلس أصدقائى .. وورائهم " الموت ".. أستمع بكل تجرد الى أحاديثهم المرسومة ،،
بينما ينظر إلىّ " هو " فرحا بتلك اللعبة .. يخرج لى لسانه ويخرس ضحكاتى الهاربة ..
مللت الشفقة .. تمنيت لو عاقبنى أبى يوما .. او تكاسلت أمى عن عمل إحدى أطباقى المفضلة .. تمنيت لو رفضت أختى اخبارى بكلمة سر لبريدها الخاص ... تمنيتهم كما كانوا ..
الجميع يتعاملون معى بمبدأ الوداع .. وواجب تقديم حق الضيافة قبل الرحيل
ما عادت تمل أمى من قص حكاياتى التافهة وما عاد يغضب أبى حديثى فى الهاتف لما بعد منتصف الليل
وكمية الرسائل التى اتلقاها من أصدقائى .. ترحما على ما تبقى من حياتى.
عندما يرحل الجميع وتنطفىء الأنوار أغلق هاتفى الذى تعلم الرياء والشفقة منذ مرضى .. اكرهه واكره صوته الذى يئن مع كل اتصال يأتينى ..
لأستقبل زائر الحقيقة .. الموت .. متشحا بالسواد ماسكا فى يديه تلك الساعة التى تحسب ما تبقى .. وتبدأ فى العدّ التنازلى .. ينظر لى بفرح وكأننى فريسته القادمة ..
لعله يقدم ساعته .. ويحصل على فريسته أسرع .. لأول مرة اتمنى شيئا على يقين من تحقيقه ... سئمت الإنتظار .. وكذلك الحياة ..
أتى الفجر يجرجر معه يوما مكفنا ليرقد فى القبر مع من قبله
لتقتلنى الأيام حتى تحافظ على ما تبقى لديها .. لتستريح هى الأخرى ..
قررت التأقلم ومصاحبة المرض وكأنه صديقا اتوقع غدره فى أى لحظة .. ويكفينى التنفس بلا تفكير .. لما تبقى من عمرى .. يكفينى النظر فى عيون أهلى بوضوح أكبر .. وتوديعهم على طريقتى ولكن ليعاملوننى .. كما مضى .
ربما لو بنيت سورا حول ذاتى وقررت الإستقلال ومواجهة العدو بما لدى من موارد
لكان راحة لى .. ربما لو وضعت أحلامى فى سيارة مفخخة .. وأوفقتها فى احدى ميادين المرض بداخلى .. لتخلصت من بعضه ...
ربما ...
وربما ...
ولكن من المؤكد ...
انه آت لا محالة ...
وأصبح العزاء ... هو المؤتمر القادم ...
*****************
لحن اشتياق
3 التعليقات:
قدرك لا خلاص لك منه ...انه الضرورة التى لا مفر منها ....فأذا احتضنت قدرك فى رضا وحبة فسوف تكسبى نفسك....
اشكرك على المرور والتعليق
وحقا انا احتضن قدرى وارضى به جداااااا
هذه القصة مجرد احساس راودنى عندما رأيت شخصا ما يتألم
فوجدت احبارى تنهمر تعبيرا عن هذا الألم
تحياتى
شركة فحص فلل بالدمام
إرسال تعليق